جراحات الجهاز الهضمي والقولون تعتبر من العمليات الطبية الهامة التي تُجرى لمعالجة مجموعة متنوعة من الحالات المرضية التي تصيب الأعضاء المعنية بعملية الهضم، بدءًا من المريء وصولاً إلى الأمعاء الدقيقة والقولون. تلعب هذه الجراحات دورًا حاسمًا في علاج الأمراض التي قد تؤثر على جودة حياة المرضى وصحتهم العامة. وهنا سوف نستعرض أنواع جراحات الجهاز الهضمي والقولون، الأسباب التي تستدعيها، والإجراءات المتبعة، بالإضافة إلى التعافي والوقاية.
أورام الجهاز الهضمي (Digestive system):
معظم الأورام المعوية (Intestinal tumors) تصيب الأمعاء الغليظة (Large intestine)، والقليل منها يصيب الأمعاء الدقيقة. وتنتج معظم الأورام عن التغييرات الخبيثة لخلايا الغشاء المخاطي الذي يغطي الأمعاء. في البداية تظهر الأورام الحميدة والتي من الممكن أن تتطور لتصبح سرطان معوي، وهناك إمكانية لإستئصال هذه الأورام الحميدة عن طريق المنظار. لكن عند حدوث التغييرات الخبيثة تكون هناك حاجة لإستئصالها عن طريق جراحة الاورام المعوية.
جراحات الجهاز الهضمي والقولون:
الإستئصال التام للورم الخبيث هي التقنية الوحيدة التي من شأنها أن تؤدي للشفاء التام من المرض قبل إنتشاره. والهدف من الجراحة هو إستئصال القسم المعوي المصاب بالمرض. وللحفاظ على إستمرارية الجهاز الهضمي (Digestive system) يتم وصل الطرفين المتبقيين من بعد الجراحة وهو ما يسمى بالربط. وعند إستئصال الورم يتم إستئصال حواف غير مصابة بالمرض أيضاً، حيث إنه يجب الحفاظ على حواف مكونة من الخلايا السليمة على الأقل 5 سم من كلى جهتي الورم. كما يجب إستئصال العقد اللمفاوية (Lymph nodes) المحيطة بالأمعاء التي يتم فيها التصريف اللمفاوي من الخلايا المصابة.
يتم تحديد نوع الجراحة حسب موقع الورم في الأمعاء الغليظة (Large intestine)، كما يتم تحديد الجزء الذي يجب إستئصاله وفقاً لطبيعة الأوعية الدموية واللمفاوية المتصلة به والمتواجدين في منطقة المساريق المعوية. لذا فمن الشائع إستئصال أجزاء كاملة من الأمعاء ذات الإمدادات الدموية المشتركة. ويعد إستئصال الأمعاء الغليظة (Large intestine) الأيمن أو الأفقي أو الأيسر، الجزء السيني للأمعاء الغليظة والمستقيم اكثر عمليات الإستئصال شيوعاً.
وجود عدة أورام بنفس الوقت:
في حال وجود عدة أورام بنفس الوقت في عدة أجزاء من القولون من الممكن اللجوء لإستئصال موسع أكثر حتى الوصول لإستئصال شبه كامل للأمعاء الغليظة. المستقيم متواجد في الحوض لذا فإن إستئصاله مع المسارق المعوية صعب جداً. وبالرغم من ذلك فإن إستئصال المسارق التام مهم جداً للحد من تكرر الورم السرطاني. وعندما يكون الورم سفلياً في المستقيم وأقرب لفتحة الشرج فحينها من غير الممكن وصل الأمعاء من بعد الجراحة. ويجب إخراج طرف الأمعاء السليم عن طريق جدار البطن على شكل فغر القولون وهذا يبقى مدى الحياة. معظم جراحة إستئصال الأمعاء الغليظة (Large intestine) يتم تنفيذها مع تخطيط مسبق، من بعد الانتهاء من مرحلة التشخيص.
حالات جراحات الجهاز الهضمي والقولون الطارئة:
هنالك حالات يكون فيها العارض الأول للمرض خطير ويلزم القيام بجراحة طارئة. والحالات الأكثر حدوثا التي تؤدي للقيام بجراحة طارئة، هي إنسداد الأمعاء بسبب الورم أو ثقب في الأمعاء بسبب إختراق الورم لجميع طبقات جدار الأمعاء. وأيضاً إنسداد الأمعاء هو وضع خطير والذي من شأنه تهديد حياة المريض ويتطلب علاج فوري. في بعض الحالات من الممكن القيام بإستئصال الأمعاء مع الورم والقيام بالوصل في نفس العملية. وفي بعض الحالات يكون القولون المسدود موسعاً جداً وحالة المريض العامة صعبة وفي مثل هذه الحالة من الممكن لعملية الوصل أن تتسبب بنزيف وأن تعرض المريض للتلوث. لذا فالعلاج الأنسب هو إستئصال القولون المسدود وثغر الأمعاء. وفي هذه الحالة يكون هذا مؤقت ومن الممكن إغلاق الفتحة بعد عدة أسابيع عن طريق عملية جراحية إضافية يتم فيها وصل طرفي الأمعاء مع بعضها.
إنثقاب الأمعاء هو أيضاً من الحالات الخطيرة والتي ممكن أن تؤدي إلى تسرب البراز والجراثيم من خلال الثقب, وهذا من الممكن أن يسبب إلتهاب الصفاق. أثناء الجراحة يجب إستئصال الورم وفي معظم الحالات يتم القيام بإحداث ثغرة مؤقتة في جدار البطن. لأن عملية الوصل في حال إلتهاب الصفاق من شأنها أن تؤدي إلى التسرب.
حالات الحد من أعراض الورم المعوي:
بخلاف الجراحات التي تهدف للعلاج، في بعض الحالات تحتاج إجراء جراحات من أجل الحد من أعراض الورم المعوي، حتى إن لم يكن هنالك إمكانية لإستئصال الورم بأكمله. فإن تغلغل الورم في الأعضاء الحيوية للجسم يحول دون إمكانية إستئصاله. كما أنه ليست هنالك جدوى من إستئصال الورم عند وجود النقائل الموزعة بشكل موسع في جميع أجزاء الجسم، حتى إن كان هذا ممكناً. وبالرغم من ذلك فإن الورم الذي يتسبب بانسداد القولون أو للنزيف سيضر بجودة حياة المريض مما يبرر الحاجة للجراحة.
وفي مثل هذه الحالات يمكن القيام بإستئصال الورم السرطاني فقط، أو إجتياز المنطقة المصابة من خلال وصل طرفي الأمعاء السليمة. وفي السنوات الأخيرة يتم إستخدام تقنية المنظار بشكل أكبر في هذا النوع من الجراحات. هذه التقنية تساعد على تفحص جميع أعضاء البطن، وإستئصال القولون المصاب والقيام بالوصل عن طريق عدة ثقوب بداخل جدار البطن بواسطة توجيه الفيديو. كما يتم إستخراج الجزء الذي تم إستئصاله عن طريق شق صغير. يتم إجراء هذه الجراحة مع الحفاظ على أسس الطب السرطاني كما يتم في التقنية المفتوحة.
ولكن هذه التقنية الحديثة تساعد المريض على التعافي بشكل أسرع وأفضل. وإحتمالات الشفاء من سرطان القولون (Colon Cancer) من بعد إجراء الجراحة متعلقة بالمرحلة التي يتواجد بها المرض أثناء القيام بالجراحة، هذه المرحلة يتم تصنيفها حسب مدى تغلغل الورم إلى جدار القولون. إصابة العقد اللمفاوية ووجود النقائل البعيدة عن الورم الأولي. مدة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات هو المقياس السائد من أجل تحديد مدى الشفاء من المرض، لأن تكرر المرض الموضعي أو ظهور النقائل يحدث عادة في هذه الفترة الزمنية. وفي حال تكرار المرض بشكل موضعي بدون وجود مناطق أخرى مصابة فمن الممكن القيام بإستئصال الورم من جديد.